أورفا مركز لإحياء اللغة العربية بجهود نخبة من السوريين والأتراك

(( أورفا مركز لإحياء اللغة العربية بجهود نخبة من السوريين والأتراك))

انتشرت في مدينة أورفا التركية قبل شهور شُعَب؛ لتعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها للإخوة الأتراك يديرها نخبة من المثقفين السوريين والأتراك، وهذا تطور مهم و نوعي يعكس العلاقة الإيجابية، وعمق الروابط الاجتماعية بين السوريين والأتراك، وإمكانية الاستفادة الكبيرة من وجود السوريين في تركيا .
وبهذا العمل تعد مدينة أورفا التركية أهم مركز لإحياء اللغة العربية في تركيا محاكيةً بذلك مدينة قرطبة الأندلسية حاضرة المغرب، التي كانت تعد المركز الأول لإحياء اللغة العربية وتعليمها للأعاجم بسبب وجود العرب فيها من سنة 95هــ إلى سنة 897هــ .
ونحن بدورنا تابعنا الموضوع، وأجرينا عدة لقاءات مع القائمين على هذا المشروع الكبير وجّهنا إليهم أسئلة عدة عن كيفية بدء المشروع ؟ وماهي الأهداف المرجوة منه؟ وكانت البداية مع الأستاذ “محمد علي بوزداق” منسق الإفتاء الخاص بالبرنامج الذي قال :
“حقيقة فكرة تعليم اللغة العربية للأتراك كانت حلماً بالنسبة لي، وإن كان في مدينة أورفا قديما يوجد مراكز لتعليم اللغة العربية، لكن على نطاق ضيق وأشخاص محددين حتى رأيت – سبحان الله- إعلاناً لجامعة الزهراء في مدينة عنتاب بافتتاح دورة لتعليم اللغة العربية في معهد ابن خلدون التابع لها بمدينة أورفا التركية .
فتواصلنا مع معهد ابن خلدون في أورفا وجامعة الزهراء في عنتاب، واتفقنا مع الإفتاء بمدينة أورفا التركية على افتتاح شعبتين بالوقت الحالي، واحدة للذكور، وأخرى للإناث في منطقة قريبة من السوق، وبعد افتتاح الشعبتين بدأت طلبات التسجيل تنهال علينا من أغلب مناطق أورفا، فوصل العدد عندنا 300 طالب وطالبة تقريباً، والأغلب من كلية الإلهيات (الشريعة ) والأئمة والخطباء في مساجد أورفا، وتقرر وضع خطة لتوزيع الشُّعب على أحياء مدينة أورفا، وتم هذا الأمر في أغلب أحياء المدينة بالتعاون والتنسيق مع معهد ابن خلدون وجامعة الزهراء، فوصل العدد إلى أربع عشر شعبة.”
وفي لقائنا مع الأستاذ عبد الرحمن الفاضل المشرف على البرنامج في أورفا قال: “نحن نسعى من خلال هذه التجربة إلى رسم صورة حسنة للسوريين في نظر المجتمع التركي. فقد تم اختيار الكادر التدريسي بحسب معايير محددة، وضمن ضوابط معينة وضعناها نهدف من خلالها الرقي بالمشروع أكثر فأكثر ، وكان ذلك سراً من أسرار نجاح البرنامج ورواجه بشكل كبير في مدينة أورفا التركية” وأكد الفاضل أن الفضل الكبير يعود في هذا المشروع للدكتور “مصطفى مسلم” رئيس جامعة الزهراء الذي رعى، ودعم، واهتم بنشر برنامج اللغة العربية؛ لأنها لغة القرآن الكريم، وهو الذي شجع على العمل في أورفا، واهتم به .
وفي لقاءنا مع الدكتور باكير محمد علي النائب العلمي في جامعة الزهراء، والمشرف الأكاديمي على البرنامج قال: “كل اللغات في العالم لغات قومية عدا اللغة العربية، فهي لغة المسلمين جميعاً، وليست مقصورة على العرب وحدهم، ورأينا أن حاجة الإخوة الأتراك إلى تعلم اللغة العربية، هي حاجة استراتيجية، ولمسنا قصوراً كبيراً وعشوائية في تعليمها، فرأينا أنه واجب علينا نشرها وتعليمها لإخوتنا الأتراك بأسلوب أكاديمي مهني بعيداً عن روح المتاجرة والمغامرة، ولا سيما أنني متخصص في هذا المجال، فأطلقنا المشروع بتوجيه من رئيس جامعة الزهراء أ. د مصطفى مسلم، وكلفت بالإشراف الأكاديمي على هذا المشروع، وقد لاقى الأمر قبولاً كبيراً في أورفا في المرتبة الأولى، فتتالى إقبال الناس على تعلمها من مختلف الفئات العمرية من الرجال والنساء، وكان لدعم إفتاء أورفا، لا سيما المفتي آدم دبور، والمنسق محمد بوزداغ، ومديرية التربية، الأثر الكبير في نجاح البرنامج وسريانه إلى درجة حفزت مؤسسات أخرى للانضمام إلى المشروع. ولا نريد أن يقف الأمر في أورفا، بل نسعى إلى نشره في المدن الأخرى، فلدينا ثلاث شعب في عنتاب، وأنهينا المستوى الأول في المحادثة لخمسة وأربعين إماماً تركياً في عنتاب بالتعاون مع إفتاء عنتاب، وأطلقنا الآن برنامج العربية لتعليم الأطفال الأتراك، وقد بدأ ينال القبول، وتواصلنا بأكثر من جهة في عنتاب وأورفا لافتتاح شعب تعليم اللغة العربية للأطفال الأتراك بالتعاون بيننا وبينهم. ونحن واثقون بأن هذا المشروع سيمضي قدماً، وأن الأتراك المسلمين سيزداد إقبالهم عليها؛ لأنها حاجة استراتيجية دينية واجتماعية واقتصادية وتجارية لكل الأتراك، ولأن تحقيق الاندماج بين السوريين والأتراك يحتاج إلى لغة، ويضاف إلى ذلك أن الإخوة الأتراك بدؤوا يجدون عند السوريين ما ينفعهم.”
والتقينا أيضاً بالأستاذ سامر شنات مدير البرامج بجمعية غازي شام التابعة لجامعة الزهراء، الذي قال في حديثه عن البرنامج : “بدأنا العمل في برنامج اللغة العربية لغير الناطقين بها منذ أكثر من سنة تقريباً ضمن جمعية غازي شام ومركز الخدمة المجتمعية التابع لجامعة الزهراء بالتعاون مع مؤسسة العربية للجميع في السعودية، وهي مؤسسة تهتم بنشر اللغة العربية في جميع أنحاء العالم ، وأُقيمت دورات تأهيل للمدرسين السوريين والمدرسات من أصحاب الاختصاص في اللغة العربية بالمرتبة الأولى ثم الشريعة بالمرتبة الثانية، وبعد دورات عدّة أُهِّل عدد منهم في كيفية تعليم اللغة العربية لغير الناطقين بها ، ووضعنا بين أيديهم بمنهاج يناسب متطلبات البرنامج، ويفي بالغرض المبتغى منه، ثم افتتحنا مراكز عدة لتعليم اللغة العربية في مدن تركية عدة، منها مدن عنتاب، وكلس والإصلاحية، ولكن كان العمل الأكبر والأضخم في مدينة أورفا، وكان في تقديرنا بمنزلة ( فتح) لا سيما بعد الإقبال الكبير من الطلاب والطالبات على تعلم اللغة العربية والاهتمام بها.”
وفي نهاية اللقاء شكرنا إدارة البرنامج والقائمين عليه راجين لهم المزيد من التقدم والنجاح في عملهم .
الصحفي عماد الحسين

Leave a comment

×

مرحباً بك

انقر هنا لإرسال بريد إلى

شؤون الطلاب

 

 أو انقر أدناه للاستفسار عبر واتساب  ↓
× أرسل رسالة